(أرشيف المشهد)

13-4-2013 | 23:18

مصر سمحاء وهم يتعاملون بمنطق سجين الزنزانة ، مصر أبية وهم عاشوا سنوات ذل وظلوا أسراها ، مصر عفية تهزأ بحوادث التاريخ حين لاتعطيها قدرها ، وهم سجناء "السلطنة والباب العالي" حتى اليوم . مصر حرة وهم عبيد لما تقرره الجماعة وما يحلم به المرشد، وما قد يأمر به أي حاف عار يتطاول في البنيان إن كان سيمنحهم مالا ، مصر وهبت للعالم الحضارة والتقدم وهي تنظر لأثار أقدامها منذ فجر الضمير وتتعامل مع كل اكتشاف علمي على أنه ابن مردتها السابقين الذين أناروا العالم .. وهم أسرى البعير لم يبارحوا ظهره ولم يطهروا أفواههم من بوله ، لذلك فإن حكم جماعة الإخوان لمصر يدخلها في تناقض مع التاريخ ومع الحضارة.

فالبلد الذي أهدى للبشرية معجزات علمية ومعمارية وفلكية وفنية وفلسفية، لا يستطيع فهمه من يحصر كل ذهنه في فقه الحيض والنفاس .. والذي أهدى للبشرية عقيدة التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد ، لا يستطيع فهمه أصحاب التدين الشكلي الذين يظهرون علينا وماء الوضوء يقطر من أيديهم فإذا تخفوا غرقوا في الخطيئة واستخفوا في الزراعات وعلى الطرق ووراء عقود الزواج العرفي ليستحلوا لأنفسهم ما حرم الله .

مرت على هذا البلد الأعاجيب ، فلا تغيرت ولا هي اليوم ستتغير .. هي بلاد حرية فكر وحرية عقيدة ، يتمرد أهلها فيكفرون أو يلحدون حين يصبح الإيمان فرضا ، ويذوبون من التقوى حين يصبح الأمر اختيارا ، فهم لا يقبلون سماسرة بينهم وبين الله ، بل يردونهم على أعقابهم .

مصر عزيزة وطرف ثوبها على بعد 7 آلاف عام ، شامخة تلامس أكتافها السحاب ، مؤمنة يسمع صوت أبنائها في ظل العرش ، كريمة تمنح ولا تطلب منحا ، صبورة لكنها تبطش بطش جبارين حين تفقد صبرها ، فنت كل الدول وزالت وتغيرت حدودها وبقيت هي دولة مركزية عفية تمتد سطوتها للجوار حينا ثم تعود لتنشغل بنفسها حين ينشغل تابعوها بذواتهم وينسوا فضلها .. من أكرمها أكرمته ومن استهان بجاهها "جرسته" وأركبته حمارا بالمقلوب ليهزأ به صبيتها ويتقاذفونه بالطوب . إذا كنتم على قدرها فلكم أن تجربوا الحكم .. وإن كنتم أصاغر وأذله فلا يحكم الصغير كبيرا ولا يحكم الذليل عزيزا ، مصر ملكة الملوك ودرة التاج ، لا يصلح معها أولئك الذين يقبل كبارهم أيادي ملوكا .. يفنون وتفنى ذكراهم وبلادهم لتبقى مصر الأعز على الدوام .